:14:
مقدمة البحث
مقدمة البحث
لم يكن هدف البحث في مراحله الأولى أن يتخذ له طابع ديني ، إنما كان بحثاً علمياً يراد منه الإجابة عن تساؤلات مختلفة تتعلق ببعض الظواهر الكونية ، أهمها البحث في مصدر المادة الكونيّة وكيفية نشوئها من العدم أول مرة ، وتفسير علاقة المادة بالزمان والمكان الكوني ، وبعد التوصل لبعض الحيثيات العلميّة الدالة على مصدر المادة الكونية وماهيتها ، وبعد الكشف عن العلاقة التي تربط بين المادة كعنصر ملموس وبين الزمن كعامل محسوس ، تَبيّن أن الزمن المحسوس الظاهر على المادة إنما هو فرع ثانوي ناتج عن عامل آخر أهم يتلازم مع المادة في وجودها ، بل ويسيطر عليها في وضعها التي هي عليه ... ألا وهو الدهر ، وفي محاولة لتوسيع البحث بهدف إيجاد أدلة قد تُؤيد بعضاً من جوانب العامل المذكور أو تكشف عن ماهيّته ، حيث لم يتوافر منها شيء لسبب حداثة هذا الباب من العلوم ، تطرق لذهني حديث شريف عن الرسول مُحمد صلّى الله عليه وسلّم يردّ فيه على الذين اعتادوا سبّ الدهر في ذلك الوقت ذُكر فيه " لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر " ، فكان لذلك الحديث أثر عظيم أدى إلى تغيير مسار البحث في مجمله ، أهمه الاتجاه للبحث في القرآن الكريم عن مؤشرات قد تُساعد على إيجاد علاقة مّا تربط بين الدهر وبين الوجود المتمثل في المادة ، فما كان إلا أن كُشف عن كمّ عظيم من العلوم والمعارف الكونية وغيرها لم يسبق أن قام على تفسيرها أحد من قبل بنفس المنظور المجرد القائم على تفسير القرآن بالقرآن والعلم المادي الصحيح ، ونتيجة لاتباع ذلك النهج في البحث ، تجلّت الكثير من المعلومات القيّمة المتعلقة بنشوء المادة والوجود ، وكيفية خلق الحياة ، ونشوء الدار الآخرة ، وغيرها من الأمور التي تفوق وتتجاوز في علومها كل تصور ، دفعت في مجملها لكتابة هذا البحث على شكل تساؤلات لخدمة وتسهيل وصول تلك المكتسبات العظيمة إلى القارئ ومن أهمها :
كيف خلق الله الكون ؟ وكيف تكوّنت المادة الكونية وما مصدرها ؟ وما الرتق أو الانفجار الكوني العظيم ؟ ما ومن الدهر وما تأثيره على وجود المادة ؟ وما المقصود بكلمة الكتاب في القرآن الكريم ؟ ، ما السماوات السبع ، وما الحياة وما ماهية الموت ، وهل توجد في الكون كواكب أخرى عليها حياة كحياة أهل الأرض ؟ ، وكيف تقوم القيامة ومن ثم تقوم الساعة ، وما الفرق بينهما ؟ ، وكيف يُنشئ الله عز وجلّ الدار الآخرة وهل هي دار الخلود !! ، بالإضافة إلى ما سبق تعريفه من تساؤلات .
وبنفس أهمية الكشف عن علوم نشوء الكون في الوجود الدنيوي والدار الآخرة من القرآن الكريم ، تَبيّن أن مثل تلك التساؤلات فريضة واجبة وأمر تكليف بيّن في القرآن الكريم على جميع الناس في جميع بقاع الأرض ، كما تبيّن أن البحث ومن ثم وضع التساؤلات عن حيثيات الوجود كالتي سبق طرحها ، بل والبحث في صحة ذات القرآن وفي علومه إنما هي ركن أساسي من أركان الدين الإسلامي لا يكتمل إيمان المؤمن إلا بها ، وهي فريضة ثابتة لا يمكن لأحد تجاهلها دون عذر وإلا كان إيمانه ناقصاً ضعيفاً ، وعند طرح مثل تلك التساؤلات السابقة على عامّة الناس ، أو عند دعوتهم للمشاركة في نقاش موضوعات البحث ، تبيّن مرّة أخرى أنهم يتجنبون الخوض في مثلها على نقيض ما أمروا به ! ، وكأن القرآن يمنع عنهم ذلك الحق ، أو أنه يُجرم أو يُحرم عليهم التعامل بها ، متجاهلين أن الله عز وجلّ يدعو الناس أجمعين للبحث في القرآن الكريم دون تمييز بين أحد وآخر ، بل ويحث الناس على مثل ذلك النهج بآيات بيّنات في القرآن الكريم ، كما أن التفكر بالنشأة الأولى وماهيّة خلق السماوات والأرض ، والماهيّة التي سينشئ الله عز وجلّ عليها الدار الآخرة بما فيها من سماوات وأرض ، إنما فرض واجب دعا الله عز وجلّ جميع المؤمنين للتفكر بأمرها من أجل تدعيم عقيدتهم وترسيخها في قلوبهم ، فالقرآن الكريم ليس فيه طلاسم أو طقوس توجب على الناس الأخذ بها دون فهمها كحال بعض المعتقدات الأخرى التي من أسباب علّتها أنها غامضة ، ولسبب غموضها فهي تُحرم على أتباعها التساؤل في أمور تعاليمها أو التفكير بها ، لكن القرآن الكريم على نقيض منها ولا يتفق معها في سريّتها ، بل أنه يَحث الناس عامّة من إنس وجان دون تخصيص على البحث وتدارس علوم القرآن باختلافها ، والأهم منها تدارس صحة ذات القرآن ! من حيث إن كان مُنـزلاً من عند الله عز وجل فعلاً وعلى لسانه بالكامل أم إنه من صنع بشر لقوله تعالى " أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا "(82) النساء ، وفي آيات أخرى مثيرة للفكر ، يُحفّز الله عز وجلّ الناس للتساؤل والبحث عن محدثات الكون وكل ما هو ضمن حياتهم الدنيا بلا حدود ، ثم يُبيّن الله عز وجلّ الرد الشافي لتلك التساؤلات بآيات بيّنات ، بمعنى أن القرآن الكريم يُجيب عن كل تساؤل قد يخطر على بال بشر ، بل ويتجاوز ذلك الأفق ..... ، بمعنى أن الله عز وجلّ وضع للناس في القرآن الكريم من التساؤلات العظيمة التي تحتار وتعجز عن إدراكها العقول ... لمجرد التساؤل في أمورها ؟ ، ومن ثم كشف جلّ شأنه علومها ، وبيّن جوانبها بآيات بيّنات توضح ما لم يكن لعقل أن يدرك حدودها دون ذلك العون من الله عز وجلّ .
لمثل الأسباب السابقة وغيرها ، أصبح من الأولى إظهار أمر تكليف البحث في القرآن الكريم أولاً قبل الخوض في تفسير محدثات الكون وعلومه لسبب ترابط أمريهما معاً ، وبالمثل وجب التذكير إلى أن نزول الآيات الكريمة في القرآن الكريم مسببة بأحداث ترتبط بها لتُبيّن سبب نزولها من كل حدث وتظهر تشريعه ، وتسمى تلك الأحداث بأسباب النـزول ، لكن مضمون الآية الكريمة لا يحدده ذات الحدث أو مكانه ، بمعنى أن الآيات الكريمة لا تنتهي فور انتهاء سبب نزولها ، إنما لتكون من بعد ذلك نهجاً للناس كافة من إنس وجان ، وكون أن هذا البحث لا يتطرق للجانب التشريعي من كل آية أو عن سبب نزولها ، لذا سنكتفي بالبحث في الجانب العلمي منها دون التشريعي ، وفي عموم علوم الآية دون خصوصيتها .
فريضة البحث في القرآن
" بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ "
" أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (19) قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ "(20) العنكبوت .
كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْق َ : أي البحث عن الكيفية التي أنشأ الله عز وجلّ عليها المادة من العدم ، ومن ثم أوجد السماوات والأرض ، بحيث ألا يقتصر معنى الآية الكريمة على الأرض التي نحيا عليها ، لسبب أن المعني بالخلق في الآية هو خلق جميع السماوات وجميع الأراضي ، والنشأة الأولى للمادة المكوِّنة للوجود القائم بما فيه من نجوم وكواكب لقوله عز وجلّ " اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ( خلق الوجود من العدم ) ثُمَّ يُعِيدُهُ ( إلى العدم ) ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ( كأنفس ) "(11) الروم ، وتلك إعادة لمحتوى الكون إلى سابق عهده عند قيام الساعة كقوله تعالى " يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ ( سماء الوجود المادي ) كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا ( من العدم ) أَوَّلَ خَلْقٍ ( خلق الوجود الدنيوي ، والخلق الثاني هو خلق الدار الآخرة ) نُعِيدُهُ ( إلى ما كان عليه والعدم سواء ) وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ "(104) الأنبياء ، لذا فالخلق المشار إليه في الآيات الكريمة هو خلق جميع السماوات وجميع الأراضي وليس خلق الناس لقوله تعالى " أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ ( سماء الكون قبل تقسيمها إلى سبع سماوات ) بَنَاهَا "(27) النازعات ، وقوله تعالى " لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ "(57) غافر ، وبذلك يصبح التساؤل الوارد في الآيات الكريمة يخص خلق الله عز وجلّ لعموم الكون ونشوئه ، أو الكيفية التي أنشأ الله عز وجلّ عليها الكون وأوجده بدءاً من خلق المادة الأساسية له وتهيئتها ، منتهياً جلّ شأنه بتنظيم السماوات والأرض ونشء الحياة الدنيا على هيئة زوج مُركب ، وهو مثل أقوى وأعلى من نشء الناس .
ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ : أي بعد أن ندرك الكيفية التي أنشأ الله عز وجلّ عليها الكون القائم ، وماهيّة خلق مادته المكوِّنة له ، علينا بالبحث والتفكير في الماهيّة التي سيُنشئ الله عز وجلّ عليها الدار الآخرة بما فيها من سماوات وأرض ، ساعة أن يُبدل الله عز وجلّ الأرض غير الأرض والسماء غير السماء ، ومن ثم يُنشئ الدار الآخرة نشأً جديداً ، ولا تأتي تلك المرحلة إلا عند قيام الساعة وصرف مادة الكون القائم ، وبعد أن تعود المادة المكونة لسماوات الدنيا وأراضيها لسابق عهدها قبل خلقها فتكون هي والعدم سواء ( اقرأ باب قيام الساعة ) ، عندها يُنشئ الله عز وجلّ الدار الآخرة نشأً جديداً بمادة جديدة تختلف في أصل تكوينها وفي عناصرها عن مادة السماوات وأرض الحياة الدنيا ، بمعنى أن عناصر المادة المكونة للدار الآخرة تختلف في بعدها الزمني عن المادة الدنيوية وما ألفه الناس عنها من صفات مختلفة ، أمّا الزمان فهو من خصائص الدهر الذي يُضفي على المادة صفاتها الظاهرة في الوجود .
النَّشْأَةَ : تعني الخلق الذي يقوم من العدم بمشيئة الله عز وجلّ لأول مرة على غير مثال سابق ، أي لم يسبق أن خلق الله عز وجلّ ما هو مثله من قبل لا بالصفات العامة ولا بالخاصة ، وليس له شبيه لا في المكان ولا في الزمان .
في مثل الآيات الكريمة السابقة وغيرها الكثير ، يأمر الله عز وجلّ الناس عامّة أمر تكليف ويحثهم على البحث والتفكير ليس فقط في كيفيّة خلق الكون وفي علومه ومصدر مادته وماهيّتها ، إنما إلى أبعد من ذلك ، ألا هو النظر في الكيفية التي سيُنشئ الله عز وجلّ عليها الدار الآخرة بعناصر تختلف في تكوينها وفي بعهدها الزمني عمّا تعارف عليه الناس من مادة الحياة الدنيا .
تلك إذاً حدود التبصَّر المجازة للناس في القرآن الكريم بل الواجبة عليهم ، وبما أن الله عز وجلّ قد أمر الناس كافّة أمر تكليف بالنظر والتفكير في مثل هذه الأمور ، كذلك فعدم التفكير فيها يُخالف تعاليم الله عز وجلّ وما سنّه عليهم في القرآن الكريم ، وسنبين تلك المخالفة ودرجاتها في الآيات الكريمة التالية :
درجة الغفلة
" يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ "(7) الروم .
يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا : بمعنى أن معظم الناس من إنس وجان ذكوراً وإناثاً لا يدركون عن حقيقة نشء الدار الأولى إلا ما تيسر في بعض أمور معيشتهم اليومية ، أمّا عن الآخرة فهم عنها غافلون .
وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ : أي ساهون عن البعث وما يخص ماهيّة نشء الدار الآخرة التي هي أبقى من نشئهم في الحياة الدنيا .
الغافلون المشار إليهم في الآية الكريمة هم من عامة الناس ( إنس وجان ، ذكور وإناث ) ، الذين منَّ الله عز وجلّ عليهم بما وهبهم من نعم في خلقهم الصالح الصحيح التكوين الذي هم عليه كهيئة زوج في نشء الحياة الدنيا ، وبالمثل فدرجة التكليف تختلف بين نفس وأخرى فهي ودرجة صلاح جسدها الذي تسكن إليه كهيئة زوج مُركب ! لقوله تعالى " وَلَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ "(62) المؤمنون ، أمّا كلمة الغفلة فتعني درجة متدنية من النسيان أو الجهل أو الاثنين معاً ، كذلك فالغافل أقل وعياً وإحساساً في أمور نشئه وما حوله من بهيمة الأنعام ، أو كالنائم الذي لا يرى ولا يسمع ولا يعقل شيئا ، بل إن الغافل يتناسى بجهالة ما منّ الله عز وجلّ عليه من نعم في خلق زوجه الصالح الذي هو عليه في نشء الحياة الدنيا ، ليكون من أهل النار .
الآيات الكريمة السابقة تبيّن حال عامة الناس ( إنس وجان ، ذكور وإناث ) ، وتكشف جهلهم وما يحيط بهم من معطيات تخص خلقهم الذي هم عليه كهيئة زوج في نشء الحياة الدنيا ... النشأة الأولى ، فهم لا يدركون إلا بعضاً من الظواهر الحياتية المحسوسة لما حولهم ويجهلون دون ذلك ، أمّا عن إدراكهم لمعطيات الكون الدنيوي ، وعن خلق الدار الآخرة وفيما سيكون عليه نشؤهم بعد البعث ، فهم في شرود ذهني وحسي تام ، لتصبح عندها درجة إدراك البهيمة لما حولها في الحياة الدنيا تفوق درجة إدراكهم لنشئهم في الدار الآخرة .
الآية الكريمة التالية تبين عقوبة الغفلة على الناس لعدم بحثهم في شؤون الحياة الدنيا .
" وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ "(179) الأعراف .
" أُولَـئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ "(108) النحل .
تُبيّن الآيات الكريمة من صفات الغفلة الثلاث كما تُظهر عقوبتها في الدار الآخرة ، ذلك أن الله عز وجلّ قد خصّ لجهنم كثيراً من الإنس والجنّ ممن لا يجتهدون سعياً بالنظر أو البحث أو التفكير في خلق السماوات والأرض ، أو في خلق أنفسهم بحواسهم التي وهبهم الله إياها ومنّ بها عليهم في نشء أزواجهم التي هم عليها في خلق الحياة الدنيا ، وما أنزله من آيات بيان في القرآن الكريم ، فبجهلهم وتقاعسهم عن البحث فيما خلق الله عز وجلّ من حولهم ، إنما يسوقون بأنفسهم لجهنم بجهالة دون علم أو إدراك لذاك المصير ، لذا فالله عز وجلّ يُبين للناس أجمعين في الآيات الكريمة من صفات الغافلين المخصصين لجهنم ، ويُنذر من عقاب الغفلة وخطورتها عليهم ، وقوله تعالى في وصف الغافلين بأن " لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا " ، إنما لبيان تلك النعم التي يمّن الله عز وجلّ بها على الناس وما فطرهم عليه في نشء زوجهم الصالح ، ليختاروا لأنفسهم أدنى درجات الجهل ألا وهي الغفلة وهذا بيّن في قوله تعالى " وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً "(36) الإسراء .
بهذا البيان القيّم من الله عز وجلّ في الآيات الكريمة ، يوضح أن البحث والتساؤل في شأن الوجود ونشوء الدار الآخرة أمر تكليف راسخ ومُلزم لكل فرد صحيح البنية في نشء زوج الحياة الدنيا من إنس وجان ، ذكر وأنثى ، ولا يجوز للناس تجاهل هذا الأمر أبداً أو تأويله بحجة الخوف من الوقوع في الخطأ مثلاً ، أو بحجة أن البحث في أمور الدين يجب أن يترك لأصحاب الاختصاص! لسبب أن أمر التكليف عام على الناس كافة ولا ينوب فيه عنهم أحد ، ولسبب أنه يَجعل من كل فرد صحيح التكوين في نشء زوج الحياة الدنيا مُكلّفاً بالبحث ، وإلا كان من جُملة الغافلين ، والغافلون من أهل النار " وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ "(42) الأعراف .
:24:
الأحد نوفمبر 11, 2012 7:19 pm من طرف hazemabdoo22
» أفرغ الكهرباء من جسمك
الإثنين مايو 02, 2011 2:30 pm من طرف أبى الدحداح
» مذكرة المراجعة النهائية ..... تشمل (أطلس + س&ج + تدريبات)
الأحد ديسمبر 05, 2010 3:41 pm من طرف مارينامجدىيوسف
» اربح إستضافه 10 جيجا + دومين لمدة سنة مجانا
الأربعاء سبتمبر 08, 2010 7:08 pm من طرف محمد فتحى
» الآن حمل أى فيديو من اليوتيوب وأى أى موقع آخر بدون برامج وباكثر من جودة وصيغة
الجمعة يونيو 11, 2010 3:19 am من طرف محمد نوفل
» مستنى ايه >>> رشح نفسك للاشراف
الجمعة يونيو 11, 2010 2:49 am من طرف محمد فتحى
» قاءمة كتب عن تاريخ الترجمة
الأربعاء يونيو 09, 2010 7:33 am من طرف محمد فتحى
» أولويات عمر بن الخطاب (رضى الله عنه)
الأحد يناير 31, 2010 2:11 am من طرف محمد نوفل
» حارب الأنفلونزا
الأحد يناير 24, 2010 10:47 pm من طرف محمد نوفل
» تردد القنوات التعليمية الجديدة على النايل سات ومواعيد البرامج التعليمية
الأحد يناير 24, 2010 10:11 pm من طرف محمد نوفل
» موسوعة المعارف التاريخية (فى تاريخ الأمريكتين)
السبت يناير 09, 2010 3:02 pm من طرف محمد فتحى
» امتحان شامل على الوحدة الأولى جغرافيا .. وطننا العربى
الأربعاء ديسمبر 16, 2009 10:57 pm من طرف محمد نوفل
» امتحانين جغرافيا على الدرسين الاول والثانى من الوحدة الاولى
الخميس ديسمبر 10, 2009 3:02 pm من طرف محمد نوفل
» امتحان على درس أبو بكر وعمر بن الخطاب
الخميس ديسمبر 10, 2009 2:34 pm من طرف محمد نوفل
» أسئلة على درس وطننا العربى الموقع و المساحة
الخميس ديسمبر 10, 2009 2:16 pm من طرف محمد نوفل